اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 447
المسيء مطلقا فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ اى وقت انتقام الجريمة الاخيرة بعثنا عليكم ايضا عبادا لنا اولى بأس شديد وبسطة قوية وبطش محكم متناه في الصولة والسطوة هو ططوس الرومي وقيل ملك الفرس اسمه جودرز وقيل حردوس وانما بعثناهم عليكم لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ اى ليسؤا معكم بحيث قد ظهرت آثار أساءتهم وإذلالهم إياكم من وجوهكم وَلِيَدْخُلُوا هؤلاء ايضا الْمَسْجِدَ الأقصى وخربوه كَما دَخَلُوهُ وخربوه أَوَّلَ مَرَّةٍ في استيلاء بختنصر واحرق هؤلاء الكتب ايضا كما احرقوا وَلِيُتَبِّرُوا وليهلكوا ما عَلَوْا وما قدروا عليه وغلبوا تَتْبِيراً هلاكا كليا بحيث لا ينجو منهم احد قيل دخل صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دما يغلى فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال ما هو الا كذب فقتل منهم الوفا عليه ثم قال ان لم تصدقوني ولم تبينونى دم من هو هذا ما تركت منكم أحدا فلما اضطروا قالوا انه دم يحيى النبي عليه السّلام قد قتلناه ظلما فقال لمثل هذا ينتقم الله المنتقم الغيور عنكم ثم قال ملتفتا الى الدم يا يحيى قد علم ربي وربك ما أصاب قومك من أجلك فاسكن من الغلى قبل ان لا أبقى أحدا منهم فسكن ولم يقتل بعد هذا.
ثم قال سبحانه عَسى رَبُّكُمْ يا بنى إسرائيل وقرب أَنْ يَرْحَمَكُمْ بعد المرة الثانية ان تبتم عن جرائمكم ومعاصيكم وَإِنْ عُدْتُمْ إليها ثالثا عُدْنا الى الانتقام والعذاب ثالثا وهكذا رابعا وخامسا وقد عادوا في النوبة الثالثة بتكذيب محمد صلّى الله عليه وسلّم وقصدوا قتله فأعاد الله عليهم الخزي بان سلط المسلمين عليهم فقتلوهم واسروهم وضربوا الجزية على ما بقي منهم وبالجملة قد صاروا مهانين أذلاء صاغرين الى قيام الساعة هذا في النشأة الاولى وَفي النشأة الاخرى جَعَلْنا جَهَنَّمَ البعد والخذلان وسعير الطرد والحرمان لِلْكافِرِينَ حَصِيراً محبسا ومضيقا بحيث لا ينجون منها ابد الآباد ومن أراد نجاة الدارين وخير النشأتين فعليه الامتثال والانقياد بعموم الاحكام الموردة في القرآن المنزل على خير الأنام
إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ الفارق بين الهداية والضلال والحق والباطل والحرام والحلال يَهْدِي ويرشد لِلَّتِي للطريقة التي هِيَ أَقْوَمُ الطرق واعدلها وأوضح السبل وأبينها الى التوحيد المنجى عن ظلمات النشأتين وَيُبَشِّرُ ايضا الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ المأمورة فيه المقربة الى التوحيد الذاتي أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً الا وهو الفوز بشرف اللقاء والتحقق عند سدرة المنتهى
وَيخبر القرآن ايضا أَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ولم يصدقوا ما فيها من الحساب والعقاب والصراط والسؤال وجميع ما فيها قد أَعْتَدْنا وهيأنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً مؤلما مخزنا لرؤيتهم المؤمنين مترفين متنعمين في الجنة مترفهين وهم في النار مهانون صاغرون
وَمن جملة الأخلاق المذمومة والديدنة القبيحة المستهجنة يَدْعُ الْإِنْسانُ مسرعا مستعجلا بِالشَّرِّ الملحق له من غير علم بشريته ووخامة عاقبته دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ اى مثل دعائه بالخير في السرعة والاستعجال وَبالجملة قد كانَ الْإِنْسانُ خلق في جبلته واصل فطرته عَجُولًا مسرعا مستعجلا على كل ما يميل اليه وان كان مضر اله
وَمن كمال رحمتنا واشفاقنا لعموم عبادنا قد جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ دالتين على قدرة القادر العليم الحكيم بتواليهما على نسق واحد مع إمكان غيره فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ باشراق النهار وإضاءته وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ذا نور واضاءة لِتَبْتَغُوا وتطلبوا فَضْلًا وعطايا ناشئة مِنْ رَبِّكُمْ لتعيشوا بها وتقوموا امزجتكم منها وَلِتَعْلَمُوا بتجدد الملوين وتكرر الجديدين عَدَدَ السِّنِينَ
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 447